يعد الحمل الكاذب أحد الظواهر الأكثر غرابة التي تحدث للسيدات وهو حالة نادرة تعرف أيضًا باسم الحمل العصبي، وهو كلمة يونانية الأصل، وتعرف هذه الظاهرة في الرجال باسم الحمل المتعاطف أو متلازمة كوفاد، ويشيع حدوث هذه الظاهرة في الرجال الحساسين نتيجة تعاطفهم مع زوجاتهنّ أو بناتهنّ، مما يؤدي إلى شعورهم بنفس أعراض الحمل، وتشمل متلازمة كوفاد بعض الأعراض، كزيادة الوزن والأوجاع والآلام الغامضة وتضخم البطن وتقلب المزاج.
بكل تأكيد يجب أن يعرفوا الحقيقة
من المثير للاهتمام أن بعض الأبحاث قد توصلت إلى أن حوالي 18٪ من الأطباء المختصين عندما يلتقون بامرأة حملها كاذب، يعتقدون هم أيضًا أنها حامل، وذلك لما يرونه من اقتناعها بأنها حامل ونتيجة أن أعراضها مقنعة جدًا لدرجة أنهم لا يشكون في عكس ذلك.
هل يعد الحمل الكاذب ظاهرة جديدة؟
في الكتابات التاريخية، نجد الكثير من حالات الحمل الكاذب أو الوهمي، حيث وثق الطبيب اليوناني القديم أبقراط 12 حالة من الحمل الكاذب، وأما أشهر حالات الغرب هي الملكة ماري تيودور التي اعتقدت أنها حامل مرتين مختلفتين.
كيف يحدث؟
في حالة الحمل الكاذب، يتولى عقل المرأة إقناع الجسد بوجود جنين به، فتظهر بعض أعراض الحمل التقليدية وربما كلها، بداية من الغثيان وألم الثديين وغياب الدورة الشهرية ووصولًا إلى ازدياد حجم البطن. ويتأثر نظام الغدد الصماء والغدة النخامية لدى المرأة ويفرز هرمونات خاصة بالحمل - لا سيما هرمون الإستروجين والبرولاكتين - وذلك بسبب قوة اعتقاد المرأة في كون الأعراض الجسدية ناتجة عن الحمل وفي أنها لا ترى تفسير لها إلا ذلك. ويلعب البرولاكتين، على وجه التحديد، دورًا في تكبير حجم الثديين وتهيئتهما للرضاعة.
وتعد حالات تورم الثديين وتغير الحلمة وحتى إفراز اللبن من الحالات الشائعة لدى النساء والتي تجعلها تعتقد اعتقادًا يقينيًا بوجود حمل. والأدهى من ذلك، أن أمر الحمل الكاذب عند بعض النساء لا ينتهي إلا بعد أن يدخلن في مرحلة الطلق (الكاذب) ويكتشفن أنه لا يسفر عن ولادة،
لكن حتي الآن لا يعرف أحد سبب حالة الحمل الكاذب بدقة. وفي الحالات الأكثر شيوعًا يظهر بين النساء اليائسات من الحمل والتي تشتاق إلى إنجاب طفل، وفي حالات أخرى، تشعر بعض النساء بأنه يجب عليهن الإنجاب والقيام بما هو مطلوب منهن. واستجابة لذلك، تقنع المرأة نفسها والآخرين بأنها حامل بالفعل.
إلى أي مدى يشيع الحمل الكاذب؟
تشير التقديرات الحالية إلى أن حالة الحمل الكاذب تظهر من 1-6 مرات في كل 22000 حالة حمل - أما في أفريقيا على الوجه التحديد فربما تزيد عن ذلك. إلا أن الأمر لا يقتصر على النساء فقط، بل من الممكن أن يمتد إلى الأطفال والرجال وصولًا إلى كبار السن. ومن العجيب، أن الحمل الكاذب يشيع بعض الشيء بين الكلاب والفئران، ويطلق عليه أيضًا الحمل الكاذب. وأحيانا تتعلق الإناث من الكلاب التي تعاني من ""الحالة"" المذكورة بالألعاب الناعمة الجميلة بعد حملها الوهمي، وترتبط بها كما لو كانت جرائها الصغار.
أعراض الحمل الكاذب
تختلف أعراض الحمل الكاذب عن بعضها اختلافا طفيفا، فمثلًا تجد امرأة تعاني من الغثيان وأخرى تعاني من التعب، إلا إن الأمر المشترك بين النساء المصابات بالحمل الكاذب هو الاعتقاد الجازم بأنهن حوامل وأنهن سيلدن عما قريب. ومن بين الأعراض الجسدية الأكثر شيوعا لهذه الحالة كبر حجم البطن، وكبر حجم الثديين ووجود ألم بهما وانقطاع الدورة، والغثيان، حيث لا يتوقف الأمر عند شعور المرأة بالحمل، وإنما تبدو وكأنها حامل في الحقيقة.
بعض الأعراض الأخرى:
• انقطاع الدورة الشهرية أو عدم انتظامها.
• وتقول بعض النساء، أنهن يشعرن بحركة الجنين، رغم عدم حملهن لأي جنين.
• كما يشيع اشتهاء بعض الأطعمة بشكل متزايد والنفور من أخرى.
• ظهور بعد الأعراض فيما يتعلق بالقناة الهضمية أو بالجهاز الهضمي كالغثيان والحموضة المعوية والارتجاع والإمساك.
• كبر حجم الرحم - البطن.
• حدوث تغيرات على الثديين كتضخم حجمهما وحساسية الحلمات.
• في بعض الحالات يتعرض البعض لطلق كاذب أو وهمي. والغريب أنهن يذهبن إلى المستشفى ويقدمن سجل الطلق ويعتقدن أنهن في حالة ولادة.
يتفاوت طول مدة الأعراض بحسب كل امرأة وبحسب سجلها الطبي. يعاني البعض من الأعراض لأيام أو أسابيع أو بضعة أشهر - وفي بعض الحالات الشائعة أيضًا يمتد الأمر إلى تسعة أشهر، وإذا كانت تعاني من مشكلة نفسية فقد يمتد الأمر إلى سنوات .
سبب حدوث الحمل الكاذب
تبدو أسباب الحمل الكاذب لدى بعض السيدات معقدة، حيث توجد علاقة مثبتة بين إفراز الهرمونات والحالة النفسية، كما توجد صلة بالتأكيد بين مختلف حالات الحمل الكاذب. كما أن العوامل الجسدية والعاطفية تلعب دورًا في هذه الأسباب، حيث يسهم الارتباط بين ""أعراض"" الحمل على الجسم بقدر معين في تأكيد اعتقاد المرأة بأنها حامل، ويسهم هذا الأمر بدوره في إفراز الهرمونات التي تعمل على تأكيد اعتقادها.
أما بالنسبة لكبر حجم البطن فيبدو أنه ينشأ عن زيادة الوزن بسبب التغيرات الغذائية وتراكم الغاز المعوي.
ويساعد في ذلك أيضًا الضغط على مناطق المخ التي تتحكم في إفراز هرمونات الحمل.
النساء الأكثر عرضة لحالة الحمل الكاذب
يمكن لأي امرأة أن تحمل حملًا كاذبًا، إلا أنه يشيع بشكل أكبر في النساء ما بين 20 و 44 عامًا. ويكون حوالي 80% من النساء المصابات بهذه الحالة متزوجات، والبعض منهن كان قد أنجب طفلاً في السابق، ومن المحتمل أنه يشيع بشكل أكبر بين النساء اللاتي تعرضن للإيذاء الجنسي وزنا المحارم.
كما أن النساء الأكثر عرضة للإصابة بالحمل الكاذب النساء الخاضعات لمساعدة في التخصيب، أو اللاتي فقدن طفلًا بسبب الإجهاض أو ولادة جنين ميت، أو اللاتي أخبرهن الطبيب بأنهن لن ينجبن طيلة حياتهن. وكذلك من الحالات الأكثر عرضة لهذه الحالة النساء اللاتي لم يتزوجن مطلقًا أو اللاتي على وشك انقطاع الطمث لديهن.
كما يمكن أن تكون النساء اللاتي تعانين من حالات طبية معينة من بين الحالات الأكثر عرضة للحمل الكاذب، ويحتمل ظهور الأعراض أيضًا على المرأة التي تعاني من مشكلات في المبيض، والحمل خارج الرحم و/ أو السمنة المفرطة.
تتعرض المرأة التي تعيش في بيئة فقيرة، وصعبة، ومهمشة وفي جو من القلق لحالة الحمل الكاذب.
وتكون المرأة عرضة للحمل الكاذب في حال كان لديها رغبة قوية جدًا في حمل أحد أفراد عائلتها أو صديقاتها، حيث تستغرق في توهم التجربة لدرجة الإحساس بها بشكل حرفي ولدرجة أن تقنع نفسها بأنها حامل.
علاج الحمل الكاذب
أولًا وقبل كل شيء، يتعين التأكد من عدم وجود جنين فعليًا، ويتأكد ذلك باختبار الحمل عن طريق تحليل الدم والبول وكذلك بفحص الحوض وباستخدام الموجات فوق الصوتية. وبرغم ذلك، ظهرت نتائج اختبار الحمل إيجابية لدى بعض النساء مع عدم وجود حمل.
لذا لا يمكن تأكيد عدم وجود حمل إلا بالموجات الصوتية لأنه في حالة عدم وجود جنين، لا تظهر أي ضربات قلب للجنين وبالتالي لا تحدث ولادة. ولا تشخص الحالة بأنها حمل كاذب إلا بعد التأكد من العوامل المذكورة مهما كان حجم الاشتباه بأنها حمل كاذب.
لا يوجد علاج أو دواء بعينه لحالة الحمل الكاذب، ولكن هناك احتمال أكبر بأن المرأة التي تعرضت لهذه الحالة ستحتاج إلى مضادات للاكتئاب أو أدوية نفسية أخرى وذلك لأنها على الأرجح تعاني أو كانت تعاني من اضطرابات نفسية. أما بالنسبة للمرأة التي انقطعت دورتها الشهرية، فيمكن وصف الأدوية الهرمونية التي تساعد في عودة الدورة الشهرية إلى طبيعتها.
وتعد من الإجراءات المعهودة في حالة الحمل الكاذب طلب المرأة رؤية إجراء فحص للرحم بالموجات فوق الصوتية حتى تتأكد المرأة بنفسها من رؤية عدم وجود جنين به. أما إجراء اختبارات الحمل على البول والدم فلا يوفر نفس المستوى من التأكيد، لأن المرأة من الممكن ببساطة أن تفسر نتائج الاختبارات بأنها غير حقيقية.
إن إبلاغ المرأة المقتنعة بأنها حامل بعدم وجود حمل لديها قد يكون أمرًا مدمرًا لها، لذا لا بد أن يتم الأمر في جو من الإحساس والتفهم، وهما أمران مهمان للغاية وغالبًا ما تجب الاستشارة في هذا الأمر. كما يتحتم تقديم الدعم الأسري بالإضافة إلى دعم الطبيب. وبالنسبة للنساء اللاتي يشتقن للحمل، تكون وسائل دعم الخصوبة ضرورية أيضًا.